استطاع الصليبيون في نهاية القرن الحادي عشر،
الإفادة من الانقسامات التي تعرض لها العالم الإسلامي في تلك الفترة التي
دبت بين الشيعة والسنة، والعرب والترك، حتى إن الوزير الفاطمي الأفضل أرسل
إلى الصليبيين سفارة عام 1098 م يعرض فيها محالفتهم ضد الأتراك السلاجقة
عقد الصليبيين العزم على أن يسيروا إلى بيت
المقدس، وذلك بعد الاستيلاء على أنطاكية، وتقدمت القوات الصليبية في 7 من
يونيه 1099 م، وحوصرت المدينة المقدسة من جميع الاتجاهات
.
وقد كانت المدينة مزودة بكميات كبيرة من المؤن
والماء والأسلحة التي فاقت أسلحة الصليبيين، كما دعمت الأبراج بالقطن
والتدريس لتصمد أمام قذائف منجنيقان العدو، وصمدت القوات الإسلامية في
المدينة وتعرض الصليبيون إلى هجمات المسلمين، ونفذت مؤنهم وعانوا كثيراً من
حرارة الشمس، وفشل الصليبيون في هجومهم الأول على المدينة. وحينما وصلت
إليهم إمدادات جديدة وعتاد وعدة، عاودوا الهجوم.
لقد بلغ عدد قوات الصليبيين المحاصرة للمدينة
12 ألفا من الرجالة، و1300 من الفرسان بالإضافة إلى معاونة حجاج مسيحيين
لهم، وفي ليلة 14 من يوليو 1099 م استطاع الصليبيون دخول المدينة خلال
الأسوار عبر أبراج صنعت خصيصًا لذلك.
ودمر الصليبيون ما شاء لهم أن يدمروا، ونهبوا
الكثير، كما نهبوا بعض المعادن النفيسة التي كانت على المقدسات، ولا سيما
قبة الصخرة، وانطلق الصليبيون في شوارع المدينة، والى المنازل والمساجد
يذبحون كل من صادفهم من الرجال والنساء والأطفال، وهكذا استطاع المسيحيون
الاستيلاء على بيت المقدس.
منذ ذلك التاريخ أصبحت قضية تحرير القدس التي
ترمز إلى تحرير فلسطين هي القضية الأولى الأساسية على المستويين السياسي
والديني لدى العرب والمسلمين.
في غضون ذلك وصلت سفارة مصرية إلى بيت المقدس،
وطلبت من الصليبيين الرحيل من البلاد، وتقدم " الوزير الأفضل " وزير مصر
نحو فلسطين فوصل عسقلان في 4 من أغسطس، وخرج "جود فري " بجيشه من بيت
المقدس لمواجهة جيوش المصريين في 9 من أغسطس 1099 واحتشد الجيش الصليبي في
سهل المجدل ( شمالي عسقلان ) حيث يعسكر الوزير الأفضل، وفوجئ الأفضل بتلك
الجموع، وولى الأدبار إلى مصر بحرا، ، ولم يلبس أن استولى الصليبيون على
الجليل وتبريا وحيفا وقيثارية وغيرها.
وعلى إثر ذلك أصبح "جود فري دب بريون " هو
الحاكم الذي منح لقب المدافع عن كنيسة القيامة
وفي 11 من نوفمبر عام 1100 م أصبح "بلدوين
الأول " على رأس مملكة الصليبيين في بيت المقدس، وقد استمرت هذه المملكة 87
سنة، ولم يسمح للمسلمين ولا غيرهم بالإقامة داخل المدينة
لقد شعر الصليبيون في تلك الفترة بأنه بتوجب
عليهم التخلص من الثقافة العربية في المنطقة، وجعل تلك البقعة من الوطن
العربي لاتينية، وكذلك القضاء على الأرثوذكسية التي كانت منتشرة فيها وقيل
أيضا بأن الهدف الرئيسي لغزو الصليبيين كان تجاريًا، حيث ساد نظام الإقطاع
في الإدارة فكانت الأرض كلها ملكًا للفرسان .