ملفات حوارات قضايا مختارات فتاوى أخبار و تقارير الرئيسية


سنوات بَطل فيها الحج

 

 
 

محمد فتحي النادي
إن بيت الله الحرام قد جعله الله -تعالى- مهوى للأفئدة فلا ينقطع الشوق لزيارته وملء العيون بأنواره.
والبشرية جيلاً بعد جيل يصطفي الله منها من يزوره في بيته وقلما يخلو هذا البيت من الزوار.
ولكن التاريخ قد سجّل أوقاتًا لم يحج الناس فيها إلى البيت العتيق. وذلك على العكس من البيت المعمور الذي لا يخلو أبدًا أبدًا من الزائرين من الملائكة منذ الأزل وحتى قيام الساعة.
ففي حديث المعراج وبعد وصول النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- للسماء السابعة رفع له البيت المعمور فسأل جبريل -عليه السلام- عنه فقال: _هذا البيت المعمور يصلي فيه كل يوم سبعون ألف ملك إذا خرجوا لم يعودوا إليه آخر ما عليهمس
وباستقراء كتب التاريخ وقفنا على بعض الأوقات التي خلا فيه البيت العتيق من الزوّار كليًّا أو جزئيًّا.
والخلو الكليّ للبيت العتيق -فيما أرى- لا يعني أنه لم يزر البيت زائر ولكني أظن أنه قد تعطل وصول الوفود من أغلب الأقطار إذ لا يمكن أن يتصور أن أهل مكة لن يتمكنوا من الحج والزيارة وهم أهل الحرم الأصلاء. وهذا الخلو الكليّ قليل جدًّا ونادر الحدوث في هذه الأمة.
لكن الخلو الجزئي هو الذي تكرر كثيرًا إذ لا تستطيع جهة من الجهات أو قطر من الأقطار أو عدة أقطار أن تصل إلى البيت الحرام.
يقول ابن تغري بردي عن حوادث سنة (428هـ): _وفيها لم يحجّ أحد من العراق وحجّ النّاس من مصر وغيرهاس
وفي حوادث سنة خمسين وستمائة يقول: _وفيها حج بالنّاس من بغداد بعد أن كان بطل الحج منذ عشر سنين من سنة مات الخليفة المستنصرس([3]).
ويقول عبد الملك العصامي: _وفي موسم خمس وخمسين وستمائة لم يحج أحد من أهل الحجاز ولم ترفع راية من رايات الملوك لأحد بمكةس
وفي أحيان لم يسلم الحجيج وهم في الحرم فيتعطل الحج لمقتل الحجيج يقول المسعودي: _ثم كانت سنة إحدى وخمسين ومائتين فوقف بالناس إسماعيل بن يوسف العلويُّ وَبَطَلَ الحج إلا يسيرًا لأن إسماعيل هذا طلع على الحاج وهم بعرفَةَ في جموعه فقتل من المسلمين خلقًا عظيمًا حتى زعموا أنه كان يسمع بالليل تلبية القتلى وكان شأنه في الفساد عظيمًاس(
وباستقرائنا لكتب التاريخ رصدنا بعض الأسباب التي عطلت أداء فريضة الحج ومن هذه الأسباب:


القرامطة
وهم من أعظم الناس خطرًا وتسلطًا على الحجيج حتى إنهم قد استولوا على الحجر الأسود عام 317هـ حتى قال سبط ابن الجوزي: _والظاهر أنَّه لم يحج أحدٌ [منذ] سنة سبع عشرة وثلاثمائة إلى سنة ست وعشرين وثلاثمائة خوفًا من القِرمِطيس
فطريق أهل العراق للحج كان محفوفًا بالمخاطر حيث القتل في انتظارهم لذا تعطل الحج من جهة أهل العراق سنين عددًا.
ثم توسّط الشريف أبو عليّ بين الخليفة المطيع وبين القرامطة لرد الحجر الأسود والذي بقي عندهم إلى سنة 335هـ وقيل: سنة 339هـ فاستجابوا له بعد أن أخذوا مالاً عظيمًا وجاءوا به إلى الكوفة وعلّقوه على الأسطوانة السابعة بين أساطين الجامع ثم حملوه إلى مكانه.
فلولاه ما تم حج
الخلاف بين خلفاء الدول الإسلامية
معلوم أنه بعد زوال الدولة الأموية في المشرق تعددت حواضر الخلافة في البلدان الإسلامية فصارت خلافة عباسية بالمشرق وأخرى أموية بالأندلس ثم صارت خلافتان بالمشرق هما الخلافة العباسية ببغداد وفاطمية بمصر والمغرب.
وقد كانت المناوشات بينهما في بعض الأحيان تؤثر على أداء فريضة الحج فعند الحديث عما وقع من الحوادث في سنة 372هـ يقول ابن تغري بردي: _قيل: إنّه لم يحجّ أحد من العراق من هذه السنة إلى سنة ثمانين بسبب الفتن والخلف بين خلفاء بني العباس وبين خلفاء مصر بني عبيدس
الحروب بين السلاطين
بعد ضعف الخلافة العباسية صار يتحكم فيها ملوك وسلاطين وهؤلاء الملوك والسلاطين قد يتنازعون فيما بينهم يقول ابن الجوزي عند إيراده لأحداث سنة إحدى عشرة وأربعمائة: _ووقع حرب بين السلاطين عند واسط فاشتدت مجاعتهم فقطعوا عشرين ألف رأس من النخل فأكلوا جمارها ودقوا الأجذاع واستفوها وأكلوا البغال والكلاب وبيع الكر الحنطة بألف دينار قاشانية وبطل الحج في هذه السنةس
هجمات الأعراب
قد احترفت بعض القبائل قطع الطرق ولم تجد غضاضة في سلب الحجاج أموالهم بل وسلبهم أرواحهم يقول الحافظ ابن عساكر: _ولي على دمشق سعد الأعسر في سنة اثنتين وسبعين ومائتين وكان سعد الأعسر قد فتح طريق الشام للحاج لأن الأعراب كانوا قد تغلبوا على الطريق قبل ولاية سعد وكان قد بطل الحج من طريق الشام ثلاث سنين فخرج سعد إلى الأعراب وواقعهم وقتل منهم خلقًا عظيمًا وفتح الطريق للحاجس


ومن القبائل التي احترفت قطع الطريق على الحجاج والتي لم تتورع عن قتلهم بنو سليم وبنو هلال
ويقول السيوطي عن أحداث سنة (417هـ): _وفيها انفرد المصريون بالحج ولم يحج أهل العراق والمشرق لفساد الأعراب وكذا في سنة ثماني عشرة وفي سنة تسع عشرة لم يحج أحد من أهل المشرق ولا من أهل الديار المصرية -أيضًا إلا أن قومًا من خراسان ركبوا في البحر من مدينة مكران فانتهوا إلى جدة فحجوا وفي سنة عشرين حج أهل مصر دون غيرهمس
الفتن الداخلية
قد تثور بين طوائف المجتمع الدينية ما يكون سببًا في تعطيل فريضة الحج فعند الحديث عن حوادث سنة اثنتين وتسعين وثلاثمائة يقول الذهبي: _فيها ثارت العامة ببغداد على النصارى فنهبوا البيعة وأحرقوها فسقطت على جماعة من المسلمين فهلكوا وعظمت الفتنة ببغداد وانتشر الدعار وبطل الحج من العراق في هذه السنةس
فساد الطريق
قد ينشغل الحكام عن تأمين طرق الحجيج فضلاً عن إصلاحها فلا يتيسر السبيل للحج فعند ذكر حوادث سنة ثلاث وأربعمائة يقول ابن الجوزي: _وفيها ورد حاج خراسان ووقف الأمر في خروجهم إلى مكة لفساد في الطريق وغيبة فخر الملك فانصرفوا وبطل الحج من خراسان والعراقس
برودة الجو
إن فصول العام لتدور على المناسك والعبادات والأركان وقد تكون بعض الفصول حائلاً بين الحجيج وبين البيت العتيق يقول ابن الأثير في أحداث عام (417هـ): _في هذه السنة كان بالعراق برد شديد جمد فيه الماء في دجلة والأنهار الكبيرة فأما السواقي فإنها جمدت كلها وتأخر المطر وزيادة دجلة فلم يزرع في السواد إلا القليل. وفيها بطل الحج من خراسان والعراقس
الفيضانات
إذا زادت الأمطار عن معدلاتها فإنها قد تسبب الكوراث ومنها قطع السبل والطرق ففي أحداث سنة سبع وثلاثين وثلثمائة يقول ابن تغري بردي: _فيها كان الغرق ببغداد وزادت دجلة إحدى وعشرين ذراعًا وهرب الناس ووقعت الدّور ومات تحت الرّدم خلق كثير. وفيها لم يحجّ أحد في هذه السنة من العراقس

 
   
 

 
           

 



أفضل 10مواقع إسلامية2020

الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر..هل أصبح موضة قديمة..؟

التسول ظاهرة اقتصادية.. والإسلام منها بريء


ما قل ودل من كتاب أدب الدنيا والدين

التمييز العنصرى ظلم ولكن...

فرح المؤمنين بمساجدهم


الداعية والمفكر الإسلامي الدكتور عمر عبدالكافي في حوار صريح

القضاء والقدر

جلول حجيمي :لا لمحاولات نشر التشيّع في الجزائر


الحرب على الحجاب تتمدد بالغرب

الإسلاموفوبيا تغزو الجامعات البريطانية

إبادة مسلمي ميانمار جريمةٌ حكومية ومسؤولية دولية




من تصميم
من نحن
إتصل بنا
islamarabi.com © 2015-2010
html hit counter
مقالات
مسلمون حول العالم
الرقية الشرعية
الطب النبوي
طريق التوبة
تفسير الاحلام
التنمية البشرية
بستان الحكمة
قضايا إسلامية
للأخوات فقط
فتاوى
مختارات
القدس
ملفات
أخبار و تقارير
حوارات