ملفات حوارات قضايا مختارات فتاوى أخبار و تقارير الرئيسية


ضرورة الدين في مجتمع مدني

 

 
 

كثيرٌ من الباحثين والمتحدثين عن المجتمع المدني يرون أن العقيدة ليست شيئاً مناقضاً للمجتمع المدني إذ أن كلاً منهما يعمل في المجال الذي يتيح للآخر التحرك من خلاله، وإن الشيء الذي بعث هذا التنافر بين المجتمع المدني والديني هو الإرث التاريخي المؤلم في أوروبا، التي عانت من الاضطهاد الكنسي، وسيطرة رجال الدين، ووجود الثيوقراطية، التي كانت تزعم أن هناك حقاً إلهياً يخول الكنيسة حق التصرف في آحاد الناس، ومصائرهم، وحرياتهم، وشخوصهم··
وبعد أن ضجت الشعوب من كل ذلك كفرت بمؤسسة الكنيسة السياسية، وقررت أن تطلق السلطة السياسية - الدينية، التي برَّرت وصنعت وقدمت الدين المسيحي كبابوية سياسية تعطي الكنيسة حقاً مقدّساً في الحكم على دنيا الناس وآخرتهم·· وكان هذا الوضع مريباً أكثر وقاتماً حينما تطوَّر الفساد السياسي الملتبس بالدين في استغلال الكنيسة لهذه السلطة في تأمين مصالحها الخاصة، وترسيخ دخولها، وشرعنة القوانين، التي تحمي مصالحها الفردية على حساب الناس وحقوقهم ومصالحهم·
ولولا هذا التاريخ المعتم لكانت مفردة (الدين) و(المجتمع الديني) منسجمة أكثر مع فكرة المجتمع المدني·· ولذلك يلاحظ الباحث السيد كامل الهاشمي أن أوربا التي كانت تنتفض وتحارب من أجل التخلص من المنهج المعرفي، الذي فرضته الكنيسة باسم الدين، تواصلت في بداية نهضتها العلمية مع منهج معرفي أنتجه وأصّله مجتمعٌ ديني آخر هو المجتمع الإسلامي، ليخلص إلى أن (العلمية والعقلانية ظاهرتان تقاسمت رفضَهما وقبولهما مجتمعاتٌ دينية ومجتمعات مدنية على السواء)·
ومع كل التعريفات التي وضعتها عصور النهضة والتنوير الأوربية، ومع كل تلك الثنائيات الحداثية التي قسمت العالم إلى فسطاطين:
- مجتمع عقلاني، حديث، حداثي، متقدم، علمي··
- ومجتمع آخر لا علمي، أسطوري، ديني، متخلف·· إلخ
إلا أن المجتمعات التي وُصفت بالمدنية والحداثة تحمل عناصر دينية راسخة في السياسة والاقتصاد والثقافة والأخلاق ومنظومة القيم·· إلخ·
كل تلك المجتمعات لديها منظومة فلسفية متكاملة للقيم والأخلاق سواء كانت سماوية أو وضعية·· وهي في النهاية تحمل نفس الخصائص والميزات في وجود مطلقات ومبادئ مقدسة لا يجوز المساسُ بها·
كل تلك المجتمعات تؤمن بأشكال مختلفة من الغيبيات·· غيبيات قد يسمونها علمية تارة أو نفسية تارة أخرى·· وقد تكون منطقية ومسوغة عقلانياً، أو تكون ألصق بالأسطورة والخرافة··
هذا كله يدل على أن وجود نوع من الإيديولوجيا أو العقيدة أو القيم المطلقة في أي مجتمع حقيقي أو متخيل أمرٌ لازم مهما ادّعى بعضهم خلافه، إنها حالة ضرورية تتلبس بها كل المجتمعات، ولكنها قد تختلف في درجاتها وفي نوعية تلك المصادر التي تستقي منها قيمَها المطلقة وفي طريقة تفسيرها والتعامل معها··
ولأجل ذلك كله، فكل المجتمعات المعاصرة والحديثة التي طبقت المجتمع المدني وطورته عبر المؤسسات المستقلة الاجتماعية، حملت مبادئ مطلقة ورؤى فلسفية وديناً وثقافة·· وانسجمت مع كل ذلك، ولم تجد مشكلة في تبني خيار المجتمع المدني، بل واستفادت من آلياته للحفاظ على تلك القيم وترسيخها عبر الآليات الشعبية المستقلة·
ومفردة (الديني) ليس نقيضُها (المدني)، بل اللاديني·· فالمجتمعات الإسلامية المُعاصرة حين تتبنى خيار المجتمع المدني فإنها تتيح لنفسها ولمجتمعها حق الدفاع عن نفسها، والحفاظ على قيمها وأخلاقها عبر آليات المجتمع المدني نفسه، الذي يحفظ قيم العدالة ويراقب المؤسسات السياسية ويسهم في حماية المجتمع من الفساد المالي والسياسي والأخلاقي·
* المجتمعات الإسلامية المُعاصرة حين تتبنى خيار المجتمع المدني فإنها تتيح لنفسها ولمجتمعها حق الدفاع عن نفسها، والحفاظ على قيمها وأخلاقها عبر آليات المجتمع المدني نفسه، الذي يحفظ قيم العدالة ويراقب المؤسسات السياسية ويسهم في حماية المجتمع من الفساد المالي والسياسي والأخلاقي·
سلمان بن فهد العودة

 
   
 

 
           

 



أفضل 10مواقع إسلامية2020

الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر..هل أصبح موضة قديمة..؟

التسول ظاهرة اقتصادية.. والإسلام منها بريء


ما قل ودل من كتاب أدب الدنيا والدين

التمييز العنصرى ظلم ولكن...

فرح المؤمنين بمساجدهم


الداعية والمفكر الإسلامي الدكتور عمر عبدالكافي في حوار صريح

القضاء والقدر

جلول حجيمي :لا لمحاولات نشر التشيّع في الجزائر


الحرب على الحجاب تتمدد بالغرب

الإسلاموفوبيا تغزو الجامعات البريطانية

إبادة مسلمي ميانمار جريمةٌ حكومية ومسؤولية دولية




من تصميم
من نحن
إتصل بنا
islamarabi.com © 2015-2010
html hit counter
مقالات
مسلمون حول العالم
الرقية الشرعية
الطب النبوي
طريق التوبة
تفسير الاحلام
التنمية البشرية
بستان الحكمة
قضايا إسلامية
للأخوات فقط
فتاوى
مختارات
القدس
ملفات
أخبار و تقارير
حوارات