ملفات حوارات قضايا مختارات فتاوى أخبار و تقارير الرئيسية


هذه بشارة أصدق الخلق أبشر يا أبا البنات··

 

 
 

أبشر يا أبا البنات: إن الأولاد من الأبناء والبنات، والذرية هم قرة عين للآباء والأمهات، وإن التربية مهمة صعبة، خصوصاً في هذا الزمان الذي عم فيه الفساد وطم، ولا بد من الاهتمام بها، ولا بد من توجيه العناية للذكور والإناث، بل ربما كانت بعض الإناث في بعض الحالات أصعب، وقضية البنات خطيرة ومهمة، ولما علم الشارع سبحانه أن هذا ثقيل فإنه جعل أجراً يقابله لأجل ثقله·
وكانت عادة الجاهلية الأولى كراهية البنات ودفنهن أحياء في القبور، قال عز وجل: {وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأُنثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ * يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِن سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلاَ سَاء مَا يَحْكُمُونَ} سورة النحل58-59، ومن الذي ابتدع هذه البدعة؟ قيس بن عاصم التميمي كان بعض أعدائه أغار عليه فأسر بنته فاتخذها لنفسه، ثم حصل بينهم صلح فخير ابنته فاختارت زوجها ولم ترد أباها، فآلا قيس على نفسه أن لا تولد له بنت إلا دفنها حية فتبعه العرب في ذلك، سبحان الله، (من سن سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها)، ولذلك يروي أحد التائبين المسلمين في العهد الأول حاكياً الحال المؤلم التي كانوا عليها، إنا كنا أهل جاهلية، وعبادة أوثان فكنا نقتل الأولاد، وكانت عندي ابنة لي، فلما أجابت وكانت مسرورة بدعائي إذا دعوتها، أحبت أباها فكانت تلبي طلباته ونداءه، فدعوتها يوماً فاتبعتني فمررت حتى أتيت بئراً من أهلي غير بعيد، فأخذت بيدها فرديت بها في البئر، وكان آخر عهدي بها أن تقول: يا أبتاه، يا أبتاه·رواه الدارمي·
ومع ذلك لم يرحم استغاثتها فقذفها في ذلك الطويي، وكانوا في صفة الوأد على طريقين، أحدهما: أن يأمر امرأته إذا قرب وضعها أن تطلق طلقات النفاس بجانب حفيرة، فإذا وضعت ذكراً أبقته أي: القابلة تستلمه، وإذا وضعت أنثى طرحتها في الحفيرة مباشرة، ومنهم من كان إذا بلغت البنت ست سنوات قال لأمها: طيبيها وزينيها لأزور بها أقاربها، ثم يبعد بها في الصحراء حتى يأتي البئر فيقول لها: انظري فيها ثم يدفعها من خلفها ويطمها، هكذا كانت قبائل العرب تفعل، عرب بغير إسلام بهائم، بل هم أدنى من ذلك، {إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا} سورة الفرقان44·
وكان بعض العرب فيهم بقية من عقل لا يفعلون ذلك وينهون عنه، بل ربما يفتدون البنات بالمال من آبائهن، قال الفرزدق:
وجدي الذي منع الوائدات *** وأحيا الوئيد فلم يوأد
وكان جده قد بقي إلى أن أدرك الإسلام· (أسلمت على ما أسلفت من خير)·
ومن المؤسف أن الجاهلية الأولى تطل بقرونها في عصر الحضارة والرقي، فعلى الرغم مما حصل من تقدم الأمم إلا أن هناك فئة غير قليلة، لا زالت تحتقر الأنثى ولا ترغب فيها، حتى في بلاد الصين والهند جريمة الوأد منتشرة، وهذه الصين الذي تحكم بالكفر لا يحق للأسرة إنجاب أكثر من طفل واحد، ولأن الأبوين يريدان ذكراً فإنهما بمجرد أن يعرفا من خلال الأشعة السينية أن الجنين أنثى يقومان بإجهاضه، وإذا ولدت دفنت، قتلت، {وَإِذَا الْمَوْؤُودَةُ سُئِلَتْ * بِأَيِّ ذَنبٍ قُتِلَتْ} سورة التكوير8-9، فهكذا يفعل فقراؤهم الذين لا يملكون قيمة إجراء الأشعة لمعرفة جنس الجنين، فإذا وضعتها أمها جعلتها في صندوق وألقتها على قارعة الطريق؛ لئلا تحتسب من العائلة، وهكذا في بعض أنحاء الهند عادة وأد البنات وإجهاضهن بأساليب متناهية في القسوة، حتى ربما استؤجر قاتل مأجور لكي يخنقها، وبقي عند بعضنا كره البنات، وتعيير الزوجة إذا أتت بأنثى، بل تطليق الزوجة إذا أتت بأنثى، وتهديد الزوجة إذا جاءت بأنثى أخرى، ما ذنب الزوجة في هذا الحال؟ ولذلك قالت القائلة لمن هرب عنها وتزوج غيرها؛ لأن عندها بنات:
مال لأبي حمزة لا يأتينا *** ينام في البيت الذي يلينا
غضبان ألا نلد البنينا *** تالله ما ذاك في أيدينا
نحن كالأرض لزارعينا *** ننبت ما قد زرعوه فينا

* الأجر في تربية البنات
لا شك أن الذكر أفضل من الأنثى في الجملة، أقوى وأقدر وأعقل، يدبر أمره ويعين أباه إذا كبر، وتبقى البنت عالة، فهي ضعيفة تحتاج إلى من ينفق عليها، بل مصروفها أكبر من مصروف الذكر من الحلي والثياب، وفساتينها أغلى وزواجها مكلف، وإذا طلقت ورجعت إلى أبيها هم وغم كذلك، أو حدثت مشكلات بينها وبين زوجها، فيقولون: هم البنات إلى الممات، لكن يا عباد الله، لما علم الشارع سبحانه أن هذا ثقيل فإنه جعل أجراً يقابله لأجل ثقله، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (من ابتلي من هذه البنات بشيء فأحسن إليهن كن له ستراً من النار)رواه البخاري· لماذا قال: ابتلي، لماذا سماه ابتلاءً؛ لأن العرب كانوا يكرهون البنات، وجاء الشرع بزجرهم عن هذه الكراهية، ورغب في إبقائهن وترك قتلهن، فذكر الثواب الموعود به من أحسن إليهن، وجاهد نفسه في الصبر عليهن، إنه ابتلاء يعني اختبار؛ لينظر عز وجل ماذا تفعل مع ابنتك، أتحسن إليها أم تسيء إليها، (فأحسن إليهن)، فسره في الحديث الآخر، قال: (فصبر عليهن، وأطعمهن، وسقاهن، وكساهن)، وفي حديث ابن عباس عند الطبراني، (فأنفق عليهن وزوجهن، وأحسن أدبهن)، تربية، وفي حديث جابر عند أحمد (يؤويهن ويرحمهن ويكفلهن)، وفي حديث أبي سعيد عند الترمذي: (فأحسن صحبتهن واتقى الله فيهن)·عباد الله:
القضية الآن واضحة، من الذي ينال الأجر، من الذي يحجب عن نار جهنم، من الذي يوقى عذابها وحرها؟ من الذي يحصل له هذا الشيء العظيم والميزة الكبيرة (كن له ستراً من النار)، من؟ هذا الذي يحسن بهذا الإحسان، وليست القضية أكلاً، وشرباً، ولبساً فقط، بل أدباً، ورحمة، واتقاء الله، والكفالة، والتزويج، نجمع ألفاظ الوحي معاً لنعرف ما المقصود، وهذه فائدة جمع الروايات في الحديث·
إن النبي صلى الله عليه وسلم قد قال الحديث السابق (من ابتلي)، في قصة جميلة روتها عائشة رضي الله عنها قالت: دخلت امرأة معها ابنتان لها تسأل - فقيرة - فلم تجد عندي شيئاً، الله أكبر بيت النبوة، بيت قائد الأمة وعظيمها ومقدمها لا يوجد فيه شيء، فلم تجد عندي شيئاً غير تمرة، هذا كل ما هو موجود في بيت النبوة، القائم على بيت المال النبي عليه الصلاة والسلام، الذي يقسم ليس عنده إلا تمرة، قالت: فأعطيتها إياها، وهذا الخليق بعائشة التي تربت في بيت النبوة، أنها تؤثر على نفسها وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ سورة الحشر9، فأعطيتها إياها فقسمتها بين ابنتيها ولم تأكل منها، ثم قامت فخرجت فدخل النبي صلى الله عليه وسلم علينا فأخبرته فقال: (من ابتلي من هذه البنات بشيء فأحسن إليهن كن له ستراً من النار)
محمد صالح المنجد

 
   
 

 
           

 



أفضل 10مواقع إسلامية2020

الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر..هل أصبح موضة قديمة..؟

التسول ظاهرة اقتصادية.. والإسلام منها بريء


ما قل ودل من كتاب أدب الدنيا والدين

التمييز العنصرى ظلم ولكن...

فرح المؤمنين بمساجدهم


الداعية والمفكر الإسلامي الدكتور عمر عبدالكافي في حوار صريح

القضاء والقدر

جلول حجيمي :لا لمحاولات نشر التشيّع في الجزائر


الحرب على الحجاب تتمدد بالغرب

الإسلاموفوبيا تغزو الجامعات البريطانية

إبادة مسلمي ميانمار جريمةٌ حكومية ومسؤولية دولية




من تصميم
من نحن
إتصل بنا
islamarabi.com © 2015-2010
html hit counter
مقالات
مسلمون حول العالم
الرقية الشرعية
الطب النبوي
طريق التوبة
تفسير الاحلام
التنمية البشرية
بستان الحكمة
قضايا إسلامية
للأخوات فقط
فتاوى
مختارات
القدس
ملفات
أخبار و تقارير
حوارات