|
|
|
|
وعلى الأعراف رجال |
|
|
|
|
|
القرآن الكريم هو معجزة الله التي أنزلها
على نبي الله محمد (صلى الله عليه وسلم).. فتلك البلاغة في لغته وحروفه
يتعلم منها الأجيال وهذه المشاهد الحية في آياته تقف أمامها أعظم
الكاميرات لاتستطيع محاكاتها.. ومن هذه المشاهد العظيمة مشهد (أصحاب
الأعراف) الذي جسدته آيات سورة (الأعراف) بجمال وروعة ليس لهما مثيل
فيشعر من يسمع تلك الآيات أنه في وسط هذا الحدث..
آيات الأعراف قال
تعالى واصفا حال أصحاب الأعراف: (وَبَيْنَهُمَا حِجَابٌ وَعَلَى
الأَعْرَافِ رِجَالٌ يَعْرِفُونَ كُلاًّ بِسِيمَاهُمْ وَنَادَوْاْ
أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَن سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ لَمْ يَدْخُلُوهَا وَهُمْ
يَطْمَعُونَ 46 وَإِذَا صُرِفَتْ أَبْصَارُهُمْ تِلْقَاء أَصْحَابِ
النَّارِ قَالُواْ رَبَّنَا لاَ تَجْعَلْنَا مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ
47 وَنَادَى أَصْحَابُ الأَعْرَافِ رِجَالاً يَعْرِفُونَهُمْ بِسِيمَاهُمْ
قَالُواْ مَا أَغْنَى عَنكُمْ جَمْعُكُمْ وَمَا كُنتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ 48
أَهَـؤُلاء الَّذِينَ أَقْسَمْتُمْ لاَ يَنَالُهُمُ اللّهُ بِرَحْمَة
ادْخُلُواْ الْجَنَّةَ لاَ خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَلاَ أَنتُمْ تَحْزَنُونَ 49
وَنَادَى أَصْحَابُ النَّارِ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُواْ
عَلَيْنَا مِنَ الْمَاء أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللّهُ قَالُواْ إِنَّ
اللّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ 50.
سور بين الجنة والنار فلنتخيل
معًا المشهد يوم القيامة كما ذكره الله _ عز وجل _ حين قال إن هناك جنة
ونار وأنَ بين الجنة والنَار حِجَابًا وَهوَ الْحَاجِز الْمَانِع مِنْ
وُصُول أَهْل النَّار إِلَى الْجَنَّة كما يطمعون وعنه قَالَ اِبْن
جَرِير: هُوَ السُّور الَّذِي قَالَ اللَّه - تعالى -(فَضُرِبَ بَيْنهمْ
بِسُور لَهُ بَاب بَاطِنه فِيهِ الرَّحْمَة وَظَاهِره مِنْ قِبَله
الْعَذَاب) وَهُوَ أيضا الْأَعْرَاف الَّذِي قَالَ اللَّه - تعالى - فِيه
(وَعَلَى الْأَعْرَاف رِجَال).. وَفِي رِوَايَة عَنْ اِبْن عَبَّاس -
رَضِيَ اللَّه تعالى عَنْهُ- أن الْأَعْرَاف جَمْع: تَلّ فهي تلال بَيْن
الْجَنَّة وَالنَّار حُبِسَ عَلَيْهِ مِنْ أَهْل الذُّنُوب بَيْن الْجَنَّة
وَالنَّار وَفِي رِوَايَة أخرى عَنْهُ أن الأعراف سُور بَيْن الْجَنَّة
وَالنَّار... وَقَالَ السُّدِّيّ عن الأعراف أنها سميت أَعْرَافًا لِأَنَّ أَصْحَابها يَعْرِفُونَ النَّاس بسيماهم الصالحين منهم وغيرهم..
من هم أصحاب الأعراف اخْتَلَفَتْ
عِبَارَات الْمُفَسِّرِينَ فِي أَصْحَاب الْأَعْرَاف مَنْ هُمْ وَكُلّهَا
قَرِيبَة تَرْجِع إِلَى مَعْنًى وَاحِد وَهُوَ أَنَّهُمْ قَوْم اِسْتَوَتْ
حَسَنَاتهمْ وَسَيِّئَاتهمْ نَصَّ عَلَيْهِ حُذَيْفَة وَابْن عَبَّاس
وَابْن مَسْعُود وَغَيْرهم.. فيقول عنهم سَعِيد بْن مَنْصُور حَدَّثَنَا
أَبُو مَعْشَر حَدَّثَنَا يَحْيَى بْن شِبْل عَنْ يَحْيَى بْن
عَبْدالرَّحْمَن الْمُزَنِيّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سُئِلَ رَسُول اللَّه
(صلى الله عليه وسلم) عَنْ أَصْحَاب الْأَعْرَاف قَالَ (هُمْ نَاس قُتِلُوا
فِي سَبِيل اللَّه بِمَعْصِيَةِ آبَائِهِمْ فَمَنَعَهُمْ مِنْ دُخُول
الْجَنَّة مَعْصِيَة آبَائِهِمْ وَمَنَعَهُمْ مِنْ النَّار قَتْلهمْ فِي
سَبِيل اللَّه).. وَقَالَ سَعِيد بْن دَاوُدَ حَدَّثَنِي جَرِير عَنْ
عُمَارَة بْن الْقَعْقَاع عَنْ أَبِي زُرْعَة عَنْ عَمْرو بْن جَرِير
قَالَ: سُئِلَ رَسُول اللَّه (صلى الله عليه وسلم( عَنْ أَصْحَاب
الْأَعْرَاف فقَالَ (هُمْ آخِر مَنْ يُفْصَل بَيْنهمْ مِنْ الْعِبَاد
فَإِذَا فَرَغَ رَبّ الْعَالَمِينَ مِنْ الْفَصْل بَيْن الْعِبَاد قَالَ
أَنْتُمْ قَوْم أَخْرَجَتْكُمْ حَسَنَاتكُمْ مِنْ النَّار وَلَمْ
تَدْخُلُوا الْجَنَّة فَأَنْتُمْ عُتَقَائِي فَارْعَوْا مِنْ الْجَنَّة
حَيْثُ شِئْتُمْ).
يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيمَاهُمْ وعن قَوْله
- تعالى - (يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيمَاهُمْ) قَالَ عَلِيّ بْن أَبِي
طَلْحَة عَنْ اِبْن عَبَّاس قَالَ يَعْرِفُونَ أَهْل الْجَنَّة بِبَيَاضِ
الْوُجُوه وَأَهْل النَّار بِسَوَادِ الْوُجُوه وعَنْ اِبْن عَبَّاس:
أَنْزَلَهُمْ اللَّه تِلْكَ الْمَنْزِلَة لِيُعْرَفُوا فِي الْجَنَّة
وَالنَّار وَلِيَعْرِفُوا أَهْل النَّار بِسَوَادِ الْوُجُوه
وَيَتَعَوَّذُوا بِاَللَّهِ أَنْ يَجْعَلهُمْ مَعَ الْقَوْم الظَّالِمِينَ
وَهُمْ فِي ذَلِكَ يُحَيُّونَ أَهْل الْجَنَّة بِالسَّلَامِ..
لَمْ يَدْخُلُوهَا وَهُمْ يَطْمَعُونَ (لَمْ
يَدْخُلُوهَا وَهُمْ يَطْمَعُونَ أَنْ يَدْخُلُوهَا وَهُمْ دَاخِلُوهَا
إِنْ شَاءَ اللَّه) هذا ما قَالَه مُجَاهِد وَالضَّحَّاك وَالسُّدِّيّ
وَالْحَسَن وَعَبْد الرَّحْمَن بْن زَيْد بْن أَسْلَمَ وَغَيْرهمْ عن دخول
أهل الأعراف الجنة وَقَالَ مَعْمَر عَنْ الْحَسَن إِنَّهُ تَلَا هَذِهِ
الْآيَة (لَمْ يَدْخُلُوهَا وَهُمْ يَطْمَعُونَ) قَالَ وَاَللَّه مَا
جُعِلَ ذَلِكَ الطَّمَع فِي قُلُوبهمْ إِلَّا لِكَرَامَة يُرِيدهَا بِهِمْ
.. وفي ذلك الوقت لم يكن أصحاب الجنة قد دخلوها بعد ولكن وقفوا
ينتظرون دخولها وفي موقف الانتظار هذا إذا نظر أصحاب الجنة إلى أصحاب النار
فزعوا وتعجلوا الخلاص من هذا الموقف تقول الآية عن أصحاب الجنة:
(وَإِذَا صُرِفَتْ أَبْصَارُهُمْ تِلْقَاء أَصْحَابِ النَّارِ قَالُواْ
رَبَّنَا لاَ تَجْعَلْنَا مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) وبعد أن تحيى
ملائكة الأعراف أصحاب الجنة ـ الذين يتعجلون دخولها ـ يلتف أصحاب الأعراف
إلى تبكيت أصحاب النار الذين كانوا يتندرون في الدنيا بالمؤمنين فيقولون
لهم أهؤلاء الذين كنتم تقسمون أنهم محرومون من رحمة الله أنظروا إليهم وهم
يدخلون الجنة وحينئذ يدخل أهل الجنة الجنة يقول تعالى: (وَنَادَى
أَصْحَابُ الأَعْرَافِ رِجَالاً يَعْرِفُونَهُمْ بِسِيمَاهُمْ قَالُواْ مَا
أَغْنَى عَنكُمْ جَمْعُكُمْ وَمَا كُنتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ أَهَـؤُلاء
الَّذِينَ أَقْسَمْتُمْ لاَ يَنَالُهُمُ اللّهُ بِرَحْمَة ادْخُلُواْ
الْجَنَّةَ لاَ خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَلاَ أَنتُمْ تَحْزَنُونَ). وينتهى
دور أصحاب الأعراف بدخول أهل الجنة للجنة وأهل النار للنار ويبدأ حوار
آخر بين الفريقين: أهل الجنة وأهل النار: (وَنَادَى أَصْحَابُ النَّارِ
أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُواْ عَلَيْنَا مِنَ الْمَاء أَوْ مِمَّا
رَزَقَكُمُ اللّهُ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى
الْكَافِرِينَ).
أصحاب الأعراف ونهر الحياة قَالَ عبدالله بن
المبارك حَدَّثَنِي اِبْن وَكِيع حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد قَالَا
حَدَّثَنَا جَرِير عَنْ مَنْصُور عَنْ حَبِيب بْن أَبِي ثَابِت عَنْ عَبْد
اللَّه بْن الْحَارِث عَنْ اِبْن عَبَّاس قَالَ: الْأَعْرَاف السُّور
الَّذِي بَيْن الْجَنَّة وَالنَّار وَأَصْحَاب الْأَعْرَاف بِذَلِكَ
الْمَكَان حَتَّى إِذَا بَدَأَ اللَّه أَنْ يُعَافِيهِمْ اِنْطَلَقَ بِهِمْ
إِلَى نَهَر يُقَال لَهُ نَهَر الْحَيَاة حَافَّتَاهُ قَصَب الذَّهَب
مُكَلَّل بِاللُّؤْلُؤِ تُرَابه الْمِسْك فَأُلْقُوا فِيهِ حَتَّى تَصْلُح
أَلْوَانهمْ وَتَبْدُو فِي نُحُورهمْ شَامَة بَيْضَاء يُعْرَفُونَ بِهَا
حَتَّى إِذَا صَلَحَتْ أَلْوَانهمْ أَتَى بِهِمْ الرَّحْمَن - تَبَارَكَ
وَتعالى - فَقَالَ (تَمَنَّوْا مَا شِئْتُمْ) فَيَتَمَنَّوْنَ حَتَّى إِذَا
اِنْقَطَعَتْ أُمْنِيَّاتهمْ قَالَ لَهُمْ (لَكُمْ الَّذِي تَمَنَّيْتُمْ
وَمِثْله سَبْعُونَ ضِعْفًا) فَيَدْخُلُونَ الْجَنَّة وَفِي نُحُورهمْ
شَامَة بَيْضَاء يُعْرَفُونَ بِهَا..
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|