ملفات حوارات قضايا مختارات فتاوى أخبار و تقارير الرئيسية


زكاة أموالنا طهارة للنفس ومرضاة للرب

 

 
 

أول تشريع منظم لتحقيق الضمان الاجتماعي
زكاة أموالنا طهارة للنفس ومرضاة للرب

الشيخ: قسول جلول

ما إن تحل علينا بداية السنة الهجرية أي أول محرم ومناسبة عاشوراء حتى تتهاطل علينا أسئلة حول الزكاة ... في المساجد وفي جميع الأمكنة فنسعد باستقبال أسئلتهم ونجيبهم عن انشغلاتهم ونرفع الحيرة عنهم ونبين لهم كيف يتم تحديد النصاب ونذكرهم بشروط وجوبها ومستحقيها ؟
ففي بداية أول محرم يتم تحديد النصاب وهذه السنة حدد بـ: 450500 يدل هذا الاهتمام على أصالة مجتمعنا وارتباطه بدينه ووزارة الشؤون الدينية قامت بحملة لتوعية المزكين عبر المساجد لتنظيمها وتسهيل جمعها عبر صناديق الزكاة والحسابات البريدية الخاصة بالزكاة.
وما دام الإعلام وسيلة للإعلام ومن منبر جريدة (أخبار اليوم) نخصص هذا المقال للحديث عن ركن الزكاة ونبدأ من الآية التي تدل على فرضية الزكاة.(خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ _ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَّهُمْ _ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) الآية 103 من سورة التوبة.
قلت الخطاب في هذه الآية موجه لسيد الخلق وحبيب الحق محمد صلى الله عليه وسلم ....ومن يأخذ عنهم الزكاة :؟ هل هم المهاجرون الذين تركوا أموالهم وما يملكون في وطنهم وبلدهم مكة ؟ أم المقصود بها الأنصار الذين شاركوا المهاجرين في كل ما يملكون فلا المهاجرين أغنياء ولا الأنصار أغنياء قال الله عنهم (يوثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة) وبعد هذا وذاك تبين أن الآية تشريعية شرعت ركن الزكاة لجميع المسلمين إلى يوم القيامة والخطاب لأخذها موجه لمن يتولى أمر المسلمين ...كما فعل عثمان بن عفان رضي الله عنه وقال قولته المشهورة والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة هذه العبادة مالية متعلقة بالمال وتعلمون الأهمية الكبيرة للمال في حياة الإنسان وهو مجبول على حبه وجمعه ويدافع عنه وأعتبر الإسلام المقتول دون ماله شهيد والقرآن ذكر فطرة الإنسان في حبه للمال: ((يحبون المال حبا جما)).....((وإنه لحب الخير لشديد)).
والإنسان حريص على رزقه كما هو حريص على حياته فكيف يدفع المرء عن نفسه القلق من أجل الرزق وكيف يمتنع الرجل عن ارتكاب المعاصي من أجل الرزق وكيف يحترز الإنسان عن أن يقف موقف مذلة من أجل الرزق. ما فلسفة المال في الإسلام؟ من يملكه؟ وكيف أن الإنسان مستخلف فيه ولماذا ينبغي أن نحافظ عليه ولماذا حرم الله التبذير والإسراف وإتلاف المال؟ ولماذا فرض الإسلام على المسلم فرضاً عينياً أن يكسب رزقه بنفسه؟ وهل هناك مكاسب للرزق محرمة تخفى على كثير من الناس وكيف يزيد الرزق من خلال الكتاب والسنة؟ الله مالك السماوات والأرض فالمال الذي في أيدي الناس ملك لله تعالى وحده والدليل قوله تعالى: _ وَءَاتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي ءَاتَاكُمْ _ سورة النور الآية 33 المال الذي في أيدي الناس هو مال الله لقد سمى الله المال الذي في أيدي الناس مال الله إلا أن الله جل جلاله تفضل على عباده باستخلافهم فيه قال تعالى: _وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَالَّذِينَ ءَامَنُوا مِنْكُمْ وَأَنْفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ _سورة الحديد الآية 7 فأصل الملك لله سبحانه وتعالى وأن العبد ليس له إلا التصرف والله جل جلاله سيحاسبه عن هذا المال من أين اكتسبه وفيم أنفقه. وقد روى الإمام مسلم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((إن الدنيا حلوة خضرة وأن الله مستخلفكم فيها فينظر كيف تعملون)) الإنسان لا يملك المال بل يمتلك حق الانتفاع المال هو نعمة بنص القرآن الكريم: _ أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى * وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى * وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى _ سورة الضحى الآية 6 وقد امتدح النبي صلى الله عليه وسلم المال فقال: ((نعم المال الصالح للمرء الصالح)) [رواه أحمد عن عمرو بن العاص] وقد بين الله تعالى أن المال قوام الحياة وأن معايش الناس وقيامهم بالمال قال تعالى: _ ولاتُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا _ سورة النساء الآية 5 الإسلام نهى عن إضاعة المال وبما أن المال نعمة وخير وقيام الحياة فينبغي أن نحفظه وأن نحافظ عليه كي نلبي به حاجاتنا الأساسية وألاّ نضيعه وآية الدين التي هي أطول آية في القرآن الكريم تؤكد ضرورة حفظ المال ورعايته وعدم تضييعه من خلال كتابة الدين والاستشهاد بالشهود وأخذ الرهان ونهى عن تبذيره _ وَءَاتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا * إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا _ سورة الإسراء الآية 5 لقد فرض الله الزكاة لحكم جليلة وأهداف سامية نبيلة منها ما يعود على الفرد سواء كان معطياً للزكاة أم آخذاً لها. ومنها ما يعود على المجتمع بحفظ أمنه وتحقيق مصالحه وحل مشاكله. والغرض الأكبر والحكمة العظمى من فرض الزكاة _ بعد تحقيق العبودية لله - هو تحقيق التكافل الاجتماعي بنوعيه المعنوي والمادي أما تحقيقها للتكافل المعنوي فمن عدة وجوه أهمها ما يلي: - أن دفع الزكاة لمستحقيها سبب لتأليف القلوب وتأنيس النفوس وإشاعة جو من التعاطف والتراحم والاحترام المتبادل بين أفراد المجتمع. أنها سبب لتحقيق التعارف والتواصل بين المؤمنين وتأكيد الأخوة والمحبة بينهم.
وليس شيء أجلب لمحبة الناس وكسب مودتهم من الإحسان إليهم ومد يد العون لهم وإسداء المعروف إليهم والسعي في مصالحهم والتخفيف من آلامهم. وفي الحكمة (جبلت القلوب على حب من أحسن إليها وبغض من أساء إليها أنها سبب لتنمية الروح الاجتماعية بين أفراد المجتمع. حيث يشعر دافع الزكاة
بعضويته الكاملة في الجماعة وتفاعله معها ومشاركته في تحقيق مصالحها وحل مشاكلها والنهوض بها. فتنمو شخصيته وتزكو نفسه وينشرح صدره ويرتفع كيانه المعنوي ويشعر بسعادة غامرة وهو يواسي إخوانه ويقوم بواجبه تجاه مجتمعه. كما يشعر آخذ الزكاة بقيمته وقدره وأنه ليس شيئاً
ضائعاً ولا كماً مهملاً وإنما هو في مجتمع كريم يعنى به ويرعاه ويأخذ بيده ويعينه على نوائب الدهر. فيحمله ذلك على محبة مجتمعه والتفاعل معه ويبقى قلبه سليماً خالياً من الحقد والحسد مقدراً لإخوانه الأغنياء معترفاً بفضلهم وبذلهم داعياً لهم بالبركة والتوفيق وسعة الرزق. وبهذا يتحول المجتمع إلى أسرة واحدة تجللها المحبة والوفاء ويسودها التعاون والإخاء وأما المجتمع فإن الزكاة سبب لتماسكه وتآلفه وتضامنه وتكافله ووقايته من رياح التفكك والتصرم وأعاصير الظلم والجرائم وقد تبين حين الكلام عن مقدار ما يدفع لكل مصرف من مصارف الزكاة: أن المحتاجين من الفقراء والمساكين والرقاب وأبناء السبيل يعطون ما يكفيهم ويسد حاجتهم. وأن العاملين لمصلحة المسلمين من العاملين على الزكاة والمؤلفة قلوبهم والغارمين لإصلاح ذات البين و في سبيل الله يأخذون قدر ما يكافيء عملهم ويصلح لمثلهم. وبهذا تكون الزكاة أول تشريع منظم لتحقيق التكافل المادي أو ما يسمى بالضمان الاجتماعي الذي لا يعتمد على التبرعات الفردية الوقتية بل يقوم على مساعدات حكومية دورية منتظمة غايتها تحقيق الكفاية لكل محتاج: الكفاية في المطعم والملبس والمسكن وسائر الحاجات.

تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال

إمام مسجد القدس حيدرة/ الجزائر العاصمة

 
   
 

 
           

 



أفضل 10مواقع إسلامية2020

الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر..هل أصبح موضة قديمة..؟

التسول ظاهرة اقتصادية.. والإسلام منها بريء


ما قل ودل من كتاب أدب الدنيا والدين

التمييز العنصرى ظلم ولكن...

فرح المؤمنين بمساجدهم


الداعية والمفكر الإسلامي الدكتور عمر عبدالكافي في حوار صريح

القضاء والقدر

جلول حجيمي :لا لمحاولات نشر التشيّع في الجزائر


الحرب على الحجاب تتمدد بالغرب

الإسلاموفوبيا تغزو الجامعات البريطانية

إبادة مسلمي ميانمار جريمةٌ حكومية ومسؤولية دولية




من تصميم
من نحن
إتصل بنا
islamarabi.com © 2015-2010
html hit counter
مقالات
مسلمون حول العالم
الرقية الشرعية
الطب النبوي
طريق التوبة
تفسير الاحلام
التنمية البشرية
بستان الحكمة
قضايا إسلامية
للأخوات فقط
فتاوى
مختارات
القدس
ملفات
أخبار و تقارير
حوارات